-A +A
علا الشيخ - ناقدة سينمائية ola_k_alshekh@
3 أفلام عربية وصلت إلى القائمة القصيرة في المنافسة على جوائز الأوسكار عن فئة القصير والوثائقي، 2 منها وثائقيان من سوريا، «الكهف» للمخرج فراس فياض، و«إلى سما» لوعد الخطيب، أما الثالث «إخوان» للمخرجة التونسية مريم جوبر، والذي نال جائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي الأخير.

ويحكي قصة شديدة العمق في التعاطي مع إرهابي قرر الهرب من داعش والعودة إلى حضن وطنه وعائلته، والمعروف إحصائيا أن عددا كبيرا من الشباب التونسي التحق بالتنظيم الإرهابي في سورية، ما أرق الرأي العام التونسي وصناع الأفلام، الذين قدموا أعمالا على مدى 3 سنوات قائمة على هذه المعضلة الاجتماعية في بلد معروف بطريقة حياته المدنية.


ويدور «إخوان» حول عائلة ريفية ترعى الأغنام، يخيم الحزن على ملامحها، ما يجسد الحمل الكبير الملقى على كاهل الأب، فيما تزداد وتيرة الحيرة والعاطفة، حين يعود الابن الأكبر بصحبة فتاة صغيرة حامل، فتتواتر نظرة عيون الأب بين اشتياقه، وغضبه، فيقرر الابتعاد. بينما يضعف قلب الأم أمام المشهد، فترحب بابنها ومن معه. ما يشي بأن الفيلم قائم على ردود أفعال لها علاقة بلغة الجسد أكثر من الكلمات، وبالفعل نجحت المخرجة بإدارتها للشخصيات وتحريكها في الكادر، في إيصال معنى كل هذه المشاعر المتضاربة، ما يرهق المتلقي الذي تحيطه الحيرة، حين يراقب الأب ابنه عن بعد، متخوفا منه على أخواته الصغيرات، أو تعلقهن به، وحين تتابع علاقة الأب بالهاتف في الاتصال على رقم ثم يتردد فيقطع الخط قبل الرنين، في أكثر من مشهد، وستقف أمام عبارة الأم لزوجها حين حمّلته مسؤولية ما وصل إليه ابنها بسبب شدته. وفي لحظة قرر فيها الأب الاتصال وعدم قطع المكالمة، تدرك أنه يبلغ عن ابنه، لتصل بك الحكاية إلى معنى الوطن أو بالأحرى الوطنية، فتصدم بحقيقة أن ابنه هرب من داعش وأنقذ فتاته من براثنهم، وهنا يظهر سؤال كبير، لحظة ركض الأب نحو البحر، وصوت لهاثه يسابقه، وتزداد عيونه حزنا: هل تستطيع مسامحة الإرهابي وضمه إلى حضنك بعد كل الموت الذي سببه؟، وتدرك الإجابة حين تشعر بلحظة ندمه وقتما أبلغ عن ابنه. فهو ببساطة يتمنى حضنه، قبل القبض عليه. زخم مشاعر، اختزلها فيلم قصير نجح أن يلخص معنى كيف يكون الوطن أولاً؟.